تصفح موسوعة قصة الحضارة

تصفح موسوعة قصة الحضارة
قصة الحضارة


الأحد، 4 مايو 2014

بالتجربة العملية .. أمراض تشفيها القراءة


المصدر : جريدة المدى
تحقيق/ مريم جعفر 
العلاج بالقراءة تقنية تمتد بجذورها إلى قدماء الصينيين الذين عرفوا أهمية القراءة وفوائدها، فكانت تكتب على جدران المعابد القديمة، كلمات مثل "هنا علاج الروح"، "هنا بيت علاج النفس.
فما هو العلاج بالقراءة، وكيف يتم استخدامها وما هي الأمراض التي تعالجها ونوعية المريض الذي يمكن أن يستجيب لهذه الطريقة من العلاج؟.. أسئلة تحاول شبكة الإعلام العربية "محيط" الإجابة عنها ودعوة تقدمها لتبني وسيلة إبداعية للعلاج.


القراءة حياة
الراحل الدكتور علي كمال أحد أبرز علماء علم النفس كتب مرة يقول : إن "القراءة حياة" حيث تساعد في علاج 250 مرضا نفسيا وعضويا .
ويوضح كمال أن القراءة العلاجية تعني استخدام النصوص في علاج أمراض نفسية وبدنية معينة ،مثل الاكتئاب وانفصام الشخصية والانطواء وضغط الدم وقرحة المعدة والصداع. وفلسفة العلاج بالقراءة هي أن من يمرض بكلمة يشفى بكلمة.
ويوضح أن العلاج بالقراءة استخدم منذ العصور القديمة حيث كان المصريون القدماء يعالجون بالقراءة وقد اتخذت مكتباتهم شعار "هذا مكان علاج النفوس .. هذا مكان إنعاش الروح" .
وكذلك عرف اليونان والرومان العلاج بالقراءة، وفي العصور الوسطى المسيحية والإسلامية استخدمت النصوص المقدسة في العلاج بالقراءة، وفي العصر الحديث بدأ العلاج بالقراءة في المستشفيات، وبعد ذلك في العديد من المؤسسات الأخرى كالمكتبات والسجون وبيوت العجزة ...
ويؤكد أن القراءة تساعد في علاج مجموعة من المخاوف، كالخوف من الظلام، والأماكن المرتفعة، الأماكن المغلقة وغيرها، وكذلك في علاج القلق، والمشاكل الجنسية، ومشاكل الاتجاهات، كالعنصرية، والعرقية، والنرجسية وغيرها .
وقد استخدم العلاج بالقراءة في علاج مجموعة أخرى من المشاكل المعقدة ،مثل الافتقار إلى العلاقات، والدافعية، والتوتر، ضبط الوزن، وكذلك بعض المشاكل الاجتماعية كالطلاق، والشيخوخة، فقدان الأهل وغيرها من الأمراض.
وعادة ما يتألف فريق العلاج من طبيب بشري وأخصائي نفسي، ويسير العلاج في جلسات ويتراوح عدد المرضي ما بين 5 إلي 10 مرضى .
لا يستخدمها التقليديون
د. خليل فاضل اختصاص علم نفس ، يوضح أن العلاج بالقراءة إحدى الطرق المتعارف عليها ولكن لا يستخدمها التقليديون، وهي إحدى الطرق الإبداعية التي يدخل فيها العلاج بالموسيقى والرقص والدراما والعلاج بالإيحاء وبالتأمل وغيرها من الطرق الإبداعية.
ويقول :إن هناك مرضى يحدث لهم خلل كيميائي واضطراب وظيفي في خلايا المخ العصبية مما يؤدي إلى ظهور أعراض ومن ثم يتم العلاج عن طريق تصحيح هذا الخلل إما بالدواء أو تنظيم إيقاع المخ "جلسات كهرباء".
لا يتم ذلك بمعزل عن علاجات أخرى مثل المسرح، فهناك جزء مضطرب لم يتماثل للشفاء ويمكن للمريض إذا لم يكن يعاني من هلوسات أو ضلالات، أن يتم تأهيله بالقراءة أو المسرح النفسي أو أي أشكال غير طبية بحتة أو تحليلية.
يشير الطبيب النفسي إلى أن هناك خلطا وعدم فهم لعملية العلاج بالقراءة حيث يظن البعض أنه لابد أن تقرأ كتب مثل "كيف تساعد نفسك"، "دع القلق وابدأ من جديد" وغيرها من الكتب المماثلة، وهذه النوعية لا تصلح.
التهيئة مهمة حتى لا يصدم المريض إن القراءة تعالجه ولا يجب أن يعرف ذلك، كما يؤكد د. خليل الذي يروي تجربة عن إحدى المتعالجات لديه وكانت تعاني من مشاكل زوجية، عندما طلبت منه أن يختار لها بعض الكتب التي تنهض بها وتساعدها وتطورها، فاختار لها رواية لأحلام مستغانمي ذاكرة جسد وبعض الروايات العالمية التي تدخل المتعالج لعوالم أخرى يتعلم منها.
ويشير إلى أن الكتب المباشرة ليست سيئة ولكن عندما يختارها المتعالج بنفسه، موضحا أنه يضع مجموعة من الكتب والمجلات بعيادته يختار منها المتعالج ما يناسبه .
وعن مدى فعالية العلاج بالقراءة في الأمراض العضوية يؤكد د. فاضل أنها تخفف الآلام وتساعد على تقوية المناعة للجسم، فهناك مثلا العلاج بالضحك حيث كانوا يحضرون المرضى المصابين بالفشل الكلوي والسرطان، ويقومون بإضحاكهم فيساعدهم الضحك كثيرا جدا في تخفيف آلامهم.. كذلك القراءة أحد السبل التي تساعد على العلاج.
الفلسفة العلاجية
يتطلب توجيه المريض في العلاج بالقراءة ، الاهتمام بمعرفة خلفيته التعليمية والثقافية، وميوله واهتماماته وحاجاته وهواياته .
الأخصائية النفسية في مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية إيمان هاشم توضح لـ أوراق أن هناك 6 خطوات يتحقق عن طريقها العلاج بالقراءة ،أولها تقديم مادة مقروءة تحقق الاستمتاع، ثانيها تحقيق التقمص أو التوحد حيث يجد المتعالج في الشخصيات من يشبهه فيتقمص دوره، بعدها يبدأ الدخول في الخطوة الثالثة وهي اختبار الموقف بشكل إسقاطي بمعنى التفكير مثل شخوص العمل الأدبي والدخول في مشاكلها.
يبدأ المتعالج في الدخول للمرحلة الرابعة وهي التنفيس أو التفريغ الانفعالي، بمعنى التخلص وتفريغ طاقة سلبية كانت بداخله مثل التوتر أو شيء آخر مكبوت.
الوصول إلى استبصار الشخص بمشكلاته التي يعانيها، هي الخطوة الخامسة التي فيها يدرك المتعالج ما هي مشكلته تحديدا ويضع يده عليها مثل أن يكون غير قادر على اتخاذ قراراته بنفسه أو أي مشاكل أخرى، وأخيرا نصل للخطوة المستهدفة من البداية وهي تغيير سلوك المتعالج واتجاهه.
وتشير إيمان إلى أن العلاج بالقراءة يتم عن طريقتين ،أولا العلاج الفردي وهو تركيز الطبيب على فرد واحد بأن يرشح له بعض الأعمال لقراءتها، وثانيا العلاج الجمعي بأن يتعامل الطبيب مع عدد من الأفراد ويرشح لهم بعض القراءات ثم يعاودون المناقشة فيها.
عبر العصور
العلاج بالقراءة ليس وسيلة جديدة حيث استخدمها الصينيون القدماء والبابليون ،فكانت تكتب على جدران المعابد القديمة، كلمات مثل "هنا علاج الروح" "هنا بيت علاج النفس" ثم انتقل هذا الشعار إلى البابليين والآشوريين، ثم إلى الرومان واليونان، في دلالة واضحة لأهمية القراءة في علاج الروح.
وقد شهدت القرون التالية المزيد من استخدام الكتب المقدسة والكتابات الدينية في علاج المرضى .
وفي أوروبا في نهاية القرن الثامن عشر قام البعض باستخدام القراءة لعلاج المجانين والمخبولين. وقد اشتهر بنيامين روش بأنه أول من أوصى بالقراءة في علاج المرضى، وذلك عام 1802.
وظهرت إ. كاتلين جونز سنة 1904 كأول أمينة مكتبة تقوم ببرامج ناجحة للعلاج بالقراءة في مكتبات مستشفى ماكلين في ويفرلي في ماساشوستس، في علاج المرضى عقلياً، ورغم توقف برنامج العلاج بالقراءة بعد ازدهار كبير في ذلك المستشفى بسبب نقص المال وانتهاء عمل الأمينة الفذة في ذلك البرنامج إلا أنه يعتبر حلقة هامة في تاريخ العلاج بالقراءة.
وخلال الحرب العالمية الأولى قام المكتبيون والأشخاص العاديون وعلى رأسهم الصليب الأحمر واتحاد المكتبات الأمريكية ببناء المكتبات وتجهيزها بالمجموعات في المستشفيات العسكرية.
وفي عام 1939 م قامت شعبة مكتبات المستشفيات في اتحاد المكتبات الأمريكية باستحداث "لجنة الببليوثيرابيا" بهدف استقصاء إمكانات استخدام الكتب كعلاج في تغيير الاتجاهات، وبذلك اكتسب العلاج بالقراءة وضعاً رسميا في مهنة المكتبات بتبني الاتحاد له.
ويعتبر نيقولاس روباكن الروسي الأصل، المؤسس الحقيقي لعلم نفس الكتاب، والذي كرس حياته للكتب، التي كان يرى فيها أداة مهمة للتنوير.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق