تصفح موسوعة قصة الحضارة

تصفح موسوعة قصة الحضارة
قصة الحضارة


الاثنين، 31 مارس 2014

عيد الشعر العالمي



علي حسن الفواز
المصدر: جريدة المدى
كثيرون لم يسمعوا أن للشعر يوما عالميا، تحتفي به المنظمات الشعرية وغير الشعرية، إذ تقيم لهذا اليوم طقوسا عالمية تشارك فيها الأمم المتحدة باعتبارها الراعي الأوحد للنشاطات العالمية. ورغم ان اغلب الدول ومنها دولنا العربية طبعا، لم تفكر يوما بإيجاد يوم من السنة الطويلة للاحتفاء بالشعر الوطني، وتذكّر الشعراء المهمشين اضطرارا أو قهرا خارج السياق الإنساني والتاريخي والسياسي.. البعض يقول ساخرا إن هذا اليوم يخصنا، وعلينا ان نمنحه خصوصية استثنائية وان نحتفي به بشكل يثير الانتباه إلى أهمية الشعراء في الطبيعة وأهميتهم في الثقافة والسياسة والحياة العامة، وان نرتدي له ملابس العيد، وان نهنئ بعضنا البعض، وان ندعو بعض الجهات لاعتباره عطلة إجبارية للشعراء، لأنه عيدهم الوطني.

منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة والخاصة بالثقافة والفنون والتراث هي صاحبة العيد العالمي للشعر، لكن لا أعرف لماذا 21/آذار من كل عام يوافق هذا العيد، ربما لانهم يعرفون أعياد نوروز أو أعياد الشجرة، أو ربما لأن أحدا قد قال لهم إن 21/آذار هو اليوم الذي يتساوى فيه النهار والليل كما تقول النظرية الجغرافية.. تقول منظمة اليونسكو الإعلان عن هذا العيد هو تجسيد لـ(رغبة في التقليل من الحصص المظلمة في الحياة) ،أي أن العالم يدرك أن الشعراء مطرودون منذ أفلاطون والى يومنا هذا، وان الحاجة باتت الآن حاضرة لإعلان عودتهم وتخصيص يوم عالمي للاحتفال بهذه العودة.. ولعلي أحسب ان الموضوع لا يتعلق بكتابة النمط الشعري، وضرورة أن يكون هذا اليوم مخصصا للإفراط بالكتابة الشعرية كما يسخر البعض منه، ويهرب من توصيفه أو ربما يطالب بإيجاد أسبوع للشعر أو اقتراح زمن سائب، لأن الشعراء مصابون بالغواية دائما..
بقطع النظر عما قيل وعما يقال، فانا ادرك ان ثمة من يريد للشعر مكانته اللائقة في الحياة، وان يمنح الشعراء باعتبارهم النخبة المكان الأبهى والأجمل، لكن الحياة ليست سهلة دائما، والشوارع ليست مفتوحة للعابرين دون مصدات، مثلما ان أنماط السلطات الغاشمة التي تحكم العديد من بقاع الأرض مازالت لاتؤمن بالشعر والشعراء، وكثيرا ما تصنفهم على انهم مهرجون ومروجو دعايات للسلاطين، وربما أبواق حرب، والحالة العربية حاملة للكثير من الشواهد على ذلك، فالشعراء الذين يحظون بامتياز المكارم هم من يروج للحكام سياستهم وخطاباتهم ودعاياتهم ووصاياهم..وهذا يتشابه كثيرا مع أنظمة سياسية جماعات غاطسة في الأيديولوجيا أو الدوغمالوجيا تضم تحت جناحيها شعراء يعرفون التصفيق جيدا..لذا كيف يمكن توصيف هذا العيد؟ وماهي الآلية الدولية للاحتفاء به؟ ومن يمول هذه الاحتفاءات؟ ومن يضع لها البرامج، ومن يحق للشعراء الحديث باسم المتعيدين، خاصة ونحن نعرف حساسية الشعراء وكارزماتهم وأهواءهم؟
خلاصة القول، نحن نبارك للشعراء عيدهم العالمي، لكننا نقول ان لم تكن هناك سياقات عمل حقيقية لتنظيم الفعاليات الثقافية، ولعمل المثقفين في أوطانهم واحترام توجهاتهم وآرائهم وخصوصية كتاباتهم، وتأمين مصادر العيش الكريم لهم ولحرياتهم، فلا أهمية لعشرات الأعياد والزفات التي يمكن ان تقام هنا أوهناك.. نحن بحاجة للامتلاء بالحياة والجمال والإشباع، بحاجة لان نكون جزءا من عالم يؤمن بالجميع، ويتحاور دون عقد أو حساسيات، لا يخاف من القصيدة، ولا يتوهمها العدو الأكبر، ولا يطارد صاحبها أو يصنع له المنافي أو السجون..أظن أن هذه الحياة هي التي نريد أن نصنعها الآن، لأنها ستكون سلسلة أعيادنا القادمة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق